يعاني أكثر من 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، من أمراض تنكسية في شبكية العين، منها التهاب الشبكية الصباغي أو التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD).
هذه الأمراض، هي غالباً غير قابلة للشفاء، وتؤدي تدريجياً إلى فقدان البصر. بالنسبة لهؤلاء المرضى، يقدم الطب الحالي بدائل قليلة: إبطاء تقدم المرض، أو تجربة الغرسات الإلكترونية أو استخدام المعينات البصرية. ولكن هناك ثورة صامتة جارية على قدم وساق.
منذ عدة عقود والباحثون يستكشفون مسارًا رائعًا وجريئًا في نفس الوقت: تجديد الخلايا في العين. طموحهم؟ إعادة تنشيط إمكانات بيولوجية مستوحاة من القوى الخارقة... لأسماك الزرد.
إمكانات هائلة
أسماك الزرد يمكنها إعادة تكوين زعنفة وجزء من قلبها وإستعادة بصرها بعد إصابة في شبكية العين. كيف يمكنها القيام بذلك؟ بفضل الخلايا الدبقية التي تسمى خلايا مولر، والتي تدعم الخلايا العصبية في شبكية العين. عندما تحدث الإصابة، تتحول هذه الخلايا إلى خلايا جذعية حقيقية قادرة على توليد مستقبلات ضوئية جديدة، وهي أجهزة الاستشعار الضوئية الضرورية للرؤية.
اختراق من كوريا الجنوبية
وهنا يأتي دور فريق من المعهد الكوري للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة (KAIST). ففي دراسة نُشرت في مجلة
Nature Communications، يصف الباحثون إنجازاً مذهلاً: فقد نجحوا في إحداث تجديد وظيفي لشبكية العين لدى الفئران، وهي من الثدييات مثلنا. هدفهم: بروتين يسمى PROX1 موجود في خلايا مولر الدبقية. يعمل هذا البروتين كمكابح جزيئية: بعد الإصابة، يمنع الخلايا من التحول إلى خلايا عصبية. ومن خلال تحييد بروكس 1، مكّن الباحثون هذه الخلايا من استئناف قدرتها على التحول. والنتيجة: في الفئران التي تعاني من التهاب الشبكية الصباغي، ظهرت خلايا عصبية جديدة في الشبكية، مع استعادة جزئية للرؤية... استمرت لأكثر من ستة أشهر.
تجديد العين
يُضاف هذا الاكتشاف إلى سلسلة من التطورات الأخيرة في سباق تجديد العين. ففي عام 2019، حدد الباحثون مساراً جزيئياً آخر، يسمى هيبو، والذي يحافظ على حالة الراحة للخلايا الدبقية. ومن خلال تعطيله، تمكنوا من إطلاق بدايات إعادة البرمجة الخلوية. بعد ذلك بثلاث سنوات، في عام 2022، أظهرت دراسة أن بعض البرمائيات لديها خلايا جذعية محيطية في العين، قادرة على إنتاج خلايا عصبية جديدة بعد الإصابة. وفي نهج أكثر تكنولوجية، يعمل الباحثون على جسيمات نانوية ذهبية تعمل بالليزر يمكن أن تتجاوز المستقبلات الضوئية التالفة لاستعادة الرؤية جزئياً.
العين، التحدي النهائي
شبكية العين هي نسيج معقد، يتألف من عدة طبقات عصبية مترابطة، وفي تفاعل مستمر مع الدماغ. وهذا يجعلها مختبراً حقيقياً للتجديد العصبي وأقل خطأ في توصيل الخلايا العصبية حديثة التكوين يمكن أن يمنع أي تعافي وظيفي.